لعنة الغراب
كان ذلك الكائن المسكين يركض بسرعة و عجلة واضحة ، أقدامه تتراقص على أرضية الرصيف كأنها دولاب متحرك ، وذراعاه كانتا تتطايران بخفة في الهواء و ترسمان تيارات عزم دائرية ، وداخل قفصه الصدري كان ثمة طائر أسود يعبث و يلهو ، فتارة يدخل رأسه بين العظام و تارة ينقر برفق عليها و يعزف أغاني على ذوقه ، و لكن ذلك لم يكن يهم السيد عاطف حينها ، فكل ما كان يدركه هو أنه قد تأخر ، لقد تأخر للغاية ، ظل يركض بلا تعب أو توقف ، لم يكن يتنفس ، و ليس لأي هواء أن يتردد على جوفه الذي يخلو من رئة واحدة ، و لم يكن يتعرق ، فهو بلا لحم أو دم ، إنه بلا أي شيء ، حسبه عائلة مترابطة من التراكيب البيضاء الصلبة ، لقد كان السيد عاطف هيكلاً عظميا ً..
يحمل في يده حقيبة سوداء يمسكها بمفاصله ، و أسنانه البارزة ترافق ملامحه المعدومة ، فهو عديم الملامح تماماً ، لم يكن ثمة جلد يساعده و عضلات تقوم به ، و لم يكن ثمة شفاه ليزمها و يخفي بها ابتسامته القبيحة ، و لم يكن يستطيع إغماض عينيه ، فهو حتى عند المنام ينام بعيون مفتوحة ، و ليست عيونه جميلة فاتنة ، حسبها مساحات كروية مفرغة تحتل جمجمته ، لكن عاطف كان يرى بها بشكل كاف و مثير للعجب، و جمود ملامحه ذاك لا يساعده على إبداء أي نوع من المشاعر ، لا الحب إن أصابته سهامه ، و لا البغض إن ضيق على قلبه ، و لا التوتر الذي يحس به عندما يتأخر !!
و ها قد وصل أخيراً بعد أن ركض حوالي مئة ألف كيلو متر دون إرهاق أو تسلخ في عظامه ، كان لدى عاطف قدرات هائلة كأنه سيارة تتغذى على البنزين ، بيد أنه لم يكن يتغذى على أي شيء .. رفع مفاصل عنقه ليتأمل المبنى الضخم الذي أمامه ، ثم فتح أسنانه بقوة خفية حركتها ، كان يستعيض بها عن بعض العضل ، فتح فمه و قال هامساً لنفسه :
ملامحي سعيدة .. ملامحي سعيدة لأنني وصلت أخيراً .. لهذا فإن شفتاي تفتران على هيئة قوس جميل .. يكشف بعض أسناني التي يغطيها فمي .. إنني أبتسم .. أنا أبتسم الآن ..
أنهى عاطف حديثه الزائف و دخل إلى المبنى بسرعته الهائلة ، كان المبنى رمادي الجدران ، تفوح منه رائحة الغبار و الأتربة ، و كان يبدو متهالكاً من الداخل أكثر من منظره الخارجي ، و لكن هل وقف عاطف ليتأمل المبنى الذي يأتي إليه كل يوم ؟ هو بالتأكيد لم يفعل ، ركض تجاه السلالم و بدأ يصعدها واحداً تلو الآخر ، حتى وصل إلى الطابق الخمسين ، و هناك ظل يجري في الممرات كالفأر المطارد ، باحثاً عن غرفة المؤتمرات ، كانت جميع الأبواب متشابهة بخشبيتها الباهتة و القدم الواضح عليها ، لكن عاطف سيدرك أيها هو الباب المقصود ، و هو يستطيع ذلك لأنه يستطيع الركض مائة ألف كيلو متر و الصعود عبر الدرج لخمسين طابقاً ، لم يكن الهيكل العظمي رجلاً خائر القدرات .. و ما إن وجد الباب المقصود حتى دفعه و دخل و بيده الحقيبة السوداء ..
ثم وجد مجموعة من الهياكل العظمية قد جلسوا إلى طاولة كبيرة مستطيلة الشكل و سميكة الهيئة ، كان بيد كل منهم حقيبة سوداء ركنها لجواره ، و لم يختلفوا عن عاطف في الهيئة و المزاج الجامد ، لكنه الوحيد الذي يحمل في قفصه الصدري ذاك الطائر الأسود . نهض أحد الهياكل من كرسيه عند رؤية عاطف ، كان يرتدي نظارات سميكة لا فائدة منها ، يربطها بخيط حول جمجمته ، يدعى السيد راشد ، راشد كان يقلد شخصية لرجل مات من البشر ، فيلسوف و طموح ، يحب دائماً أن يكون في المقدمة ، اقترب راشد من عاطف و سأله قائلا بسخرية واضحة جدا ً :
أهلاً يا سيد عاطف .. أما ترى أنك قد أتيت مبكراً بعض الشيء ؟
هز عاطف جمجمته إلى أسفل علامة على الأسى و قال يرد على مديره :
آسف يا سيدي .. الشارع كان مزدحماً .. و لم أتمكن من القدوم باكراً لهذا السبب ..
و فجأة بعد أن نطق عاطف بتلك العبارة ، صدر ذلك الصوت الذي أثار ذعره يقول :
أنا أكذب .. تأخرت عن الاجتماع لأنني كنت نائماً .. و لم أصح إلا في وقت متأخر .. ..
انتفضت كومة العظام التي تشكل عاطف ، و عم الصمت المكان ليعطي الكلمات التي قيلت هيبتها و وزنها فهي كانت ثقيلة جداً ، أما عاطف فلم يكن منه إلا أن حدق في الغراب الحبيس بغضب و خوف في ذات الوقت ، كان خائفاً مما قيل أمام المدير ، و غاضباً على غرابه لأنه تكلم و فضح سره
قال عاطف حينها بسرعة كي ينقذ نفسه :
لا يا سيدي .. أنا فقط ..
قاطعه راشد حينها مباشرة و هو يقول بهدوء :
كنت نائماً ... هذا ليس تصرفاً احترافياً للغاية .. و ما الذي جعلك تنام يا عاطف ؟ أما كنت تعلم أن لديك اجتماعاً اليوم ؟
كان عاطف حينها سيتكلم و لكن غرابه فتح منقاره و رد عوضاً عنه قائلاً :
يا للرجل العجوز !! .. بالتأكيد كنت أعلم بأن لدي اجتماعاً غبياً اليوم !! .. و لكنني كنت أتابع فيلماً شائقاً و ممتعاً جداً .. و سهرت حتى الساعة الواحدة صباحاً و أنا أتابعه .. كان جنونياً للغاية .. و لم أشأ تفويته لأجل الاستماع لمحاضراتك المملة .. المعذرة سيد راشد .. و لكنك لا تتوقف عن تبجيل نفسك
كان عاطف خائفاً حتى الموت من هذه الكلمات التي باح بها غرابه الغبي ، و جميع الحاضرين مصدومون تماماً ، و كان راشد شديد الغضب و السخط ، و لكن لا أحد بدا عليه أي شيء ، جميعهم يحدقون بابتساماتهم المكشوفة ، فالهياكل العظمية ليست لديها تعابير وجه . و قد عبر راشد عن غضبه زاجراً بعنف :
أترى أن حديثي ممل يا عديم الحياء ؟؟ .. كيف تجرؤ على شتم مديرك ؟؟
مرة ثانية لم يمنح الغراب عاطف أي فرصة لتلفيق أي شيء ، بل قال مباشرة بضحكة ساخرة :
هه .. مدير ؟ .. و من هذا المدير يا سيد راشد ؟ .. أتتباهى بالمبنى المهترئ القديم الذي تجمعنا فيه ؟ .. أم بهذه الطاولة الحقيرة التي نجلس إليها كل يوم كالحمقى حيث تفوح رائحة العفن ؟.. أنت في نظري غير مؤهل لتكون مديراً ، بل أنت بارع جداً في كونك مديراً سيئاً يا سيد راشد !!
لم تعد هناك مساحة إضافية للدهشة و العجب و الإحراج ، فقد وصل عاطف إلى ذروة كل ذلك ، و لم يكن في مقدوره أن يحس بأكثر مما أحس به ، و الصدمة شلته تماماً فلم يستطع أن يتحرك و يلوذ بالفرار ، بقي ساكناً في مكانه مثل تمثال أخرس بعد أن فجر غرابه هذه الكلمات النابية التي تعبر عن رأيه الحقيقي و الصادق في مديره .
و تبعاً لما حدث ، كان عاطف يتوقع الأسوأ ، و ليس لديه علم حقاً بما يمثله الأسوأ بالنسبة لكائن ليس على قيد الحياة ، لكنه لم يتنبأ بأن كل ما سيفعله راشد ، هو أن يشير إلى الباب بيده العظمية و يخاطبه بجمود حازم :
“ عاطف ، أنت مطرود ، لا أريد رؤية وجهك في الشركة بعد الآن “
خرج مطأطأ الرأس من قاعة الاجتماع ، ثم أخذ يهبط من على الخمسين سلماً و هو يحدث نفسه بكلام بينما يضطرب فكه و ترتجف عظامه :” أنا محبط جداً لأنه تم طردي من عملي للتو ، عيناي مليئتان بالدموع الغزيرة التي تسيل على خدي الناعم ، و حاجباي مقطبان يعكسان عبوسي و وجومي “
كان يهوى بلسانه تمثيل الملامح التي ينبغي أن تظهر على وجهه لو أنه يمتلك جسداً طبيعياً ، كأنه يعبر عن أمنية دفينة و مستحيلة .
في كل الأحوال ، ليست هذه أول وظيفة يطرد منها ، لقد حصل على هذا العمل منذ أيام قليلة ، كان خلالها يحاول جاهداً ألا يحتك بزملائه و ألا يدخل في حوارات عميقة ، كي لا يفضحه غرابه الناطق ، لكنه لم يفلح في الحفاظ على هذه الالتزام الصارم ، فقد سقط قناع حذره و افتضح افتضاحاً شنيعاً ، كله بسبب هذا الطير اللعين العالق داخل قفصه الصدري ، و المسخر دائماً لقول الحقيقة و التعبير عن مشاعر عاطف بصدق مهما كان نوع الموقف و حرجه . إنه الطير الذي يتحدث باسم قلبه .
و بينما هو خارج من الشركة بسرعة و عنف إذا به فجأة يرتطم بهيكل عظمي آخر ، فيسقط على الأرض و يرفع رأسه بسرعة ليبصر أمامه امرأة يعرفها جيداً ، كانت ترتب شعرها بمعصمها العظمي المزين بالأسورة ، و تحدق فيه بعينيها الفارغتين ، و ابتسامتها الجامدة التي تحفها حمرة قلم شفاه رُسم بشناعة كي يلون العظام و يمنحها بعض الملامح المزيفة ، كل تلك الصبغات و الأسورة كانت تزيدها قبحاً و بشاعة ، و لم يكن لأحد أبداً أن يتخيل أن “ هنادي “ - هذا الهيكل البشع و اليائس - كانت فتاة جميلة جداً في حياتها الماضية .
شعر عاطف بتوتر عنيف حال رؤيتها ، ليس توتراً عاطفياً يعبر عن مشاعر مكبوتة ، بل انزعاج و ارتباك حقيقي من لقاء لم يكن مستعداً له ، و ليس في مزاج جيد ليتكلف الاستعداد و يحمل نفسه على المشقة . لكنه رغم ذلك ، حاول أن يحيها تحية خفيفة ، فردت عليه التحية بتغنج ، و أمسكت ذراعه قائلة :” عاطف ، ما رأيك أن نخرج في نزهة ؟ أرى أنك منزعج جداً “
و قبل أن يعبر عاطف عن شيء سبقه طائره الثرثار باندفاع :” ابتعدي عني أيتها القبيحة ! أنت تثيرين اشمئزازي “
أفلتته هنادي و تراجعت بدهشة و صدمة ، لم يكن عاطف من قبل قد سمح لنفسه بالوقوف معها لمدة تتيح لطيره بأن يفتح فمه و يسيء إليها ، و هو بسبب غرابه النتن يحاول أن يتجنب الاحتكاك بأي شخص أكثر من مرة ، خشية أن يكون رأياً فيه ، و هذا الرأي غالباً لا يكون مثالياً .
وجد عاطف نفسه يركض من أمامها مسرعاً مثل لص خطف شيئاً ، يقاوم الإحراج الذي يحس به جراء كل تلك المواقف الصعبة ، و يتوقف عن الركض بعد أن يتأكد أنه وحده في مكان معزول ، حيث لا وجود لكائن آخر يمكن أي يحرجه معه هذا الطائر الوقح، أسند يده على أحد الجدران و أمال رأسه ناحية قفصه الصدري ليرى الطائر ينقر ضلوعه كما لو أنه يعزف مقطوعة غريبة ، مزعجة و كئيبة ، و تحرمه من الراحة التي لم يذقها منذ وجد نفسه في هذا العالم العجيب ، اصتكت أسنانه ببعضها و هو يتحدث بغضب :” طفح الكيل أيها الغراب الغبي !! إلى متى سنبقى عالقين معاً ؟ إنك لا تكف عن تدمير حياتي ، حياتي ، نعم حياتي ، أخبرني ماذا عساك تفيد من ذلك ؟! ما الذي تريده كي تخرج و تتركني لشأني “
أجابه الطائر بفصاحته المعتادة :” أنا أقول الحقيقة يا كومة العظام ، و الحقيقة فضيلة عظيمة لا يتحملها الأوغاد أمثالك “
صاح عاطف مطلقاً العنان لانزعاجه الفائق :” فضيلة ؟ عن أي فضيلة تتحدث ؟! و ما هي الفضيلة من وجهة نظرك أيها الطائر القبيح ؟! أنت تدمرني و تدمر حياتي ، و إن كنت ميتاً ، أريد على الأقل الاندماج في هذا العالم المريع بطريقة أو بأخرى ، فلا تجعل الأمر أصعب علي “
نعق الغراب بسخرية و قال :” ما بك تجادلني هكذا أيها الهيكل العظمي ؟ أكنت تحسب أن الحقيقة رذيلة ؟! "
لحظة صمت و هدوء ، لم يبادر عاطف بالرد مباشرة ، لكنه قال بعد دقائق - و إن لم يكن هناك وجود فعلي للزمن :" نعم ، أنا أرى أن الحقيقة رذيلة ، و كل قيمة لا تفيدنا و لا تجلب لنا الخير فهي ليست فضيلة ، أنت تحسب أنني مثل الحمقى الذين يؤمنون بالحق المطلق ؟ إن الإنسان هو من يصنع الحق و الباطل وفقاً لاحتياجاته ، و لا وجود للمثل العليا إلا في مخيلتك أيها الطائر !!"
أجابه الغراب دون أدنى تردد أو تلكؤ :" هذا ما يجعل أمثالك يعيشون و هم مرتاحوا البال رغم أعمالهم القذرة ، لأنهم يرون أن الخير هو ما يوافق مصالحهم فقط ، و ينظرون إليه من زاوية واحدة ، و رغم ذلك أعترف بأنك لست مخطئاً تماماً ، الناس يخطئون في رؤية الأمور من منطلق أفكارهم الجاهزة و احتياجاتهم ، لكن الحقيقة موجودة ، حتى لو لم يرغب أحد في النظر إليها ، الحقيقة موجودة !!"
صاح عاطف بجنون و قد بدأ الغضب يسيطر عليه أكثر :" اخرس أيها الطائر الغبي !! إن الحوار معك غير مجد تماماً !! و لكن لو سألتك الآن كيف تعرف أن الحقيقة في جانبك ؟ و كيف تعرف أنك على حق في كون الحقيقة موجودة بالفعل ؟ هل ستجيبني بغير نعيقك السخيف !؟ نحن لسنا متأكدين من شيء !! و لم نحصل على إثبات من أي نوع !! نحن شاكون و شاكون في أننا شاكون !! و من يتظاهر بغير ذلك فهو يكذب على نفسه ، و لكنه كذب لا يعود عليه بالفائدة "
صرخ الطائر بنعيق مخيف :"و لكنك تبدو واثقاً أيضاً من أنه لا وجود للحق المطلق ، فمن أين أتيت بهذه الثقة و أنت لا تمتلك أي إثبات كما تقول !!؟ كما أنك توصلت لهذه النتيجة بعقلك و بالاعتماد على شواهد قد لا تكون هي أيضاً محل الثقة ، أتدري ما هو العيب الوحيد في السفسطة ؟ أنت تدخل في حلقة مفرغة من الشك عندما تنكر كل الثوابت ، و المصيبة هي أنك لا تستطيع أن تنكر شيئاً أو تثبت شيئاً دون الرجوع لثوابت بعينها ، أنت تحاول التمرد على طبيعة عقلك البشري ، لكن هذا الأمر مستحيل تماماً يا عاطف "
واصل الغراب حديثه بعد سكتة خفيفة و دون أن يلقي اعتباراً للسهام التي يرميها :" و أيضاً ؟ كيف تستطيع أن تدرك أين تكمن مصلحتك الحقيقية ؟ أليس ممكناً أن ما تراه جيداً على المدى القصير يمكن أن يهلكك على المدى الطويل ؟ كما فعل بك كذبك و أنهى مصيرك بهذه الطريقة ؟!! و أين مقياسك الذي تزن عليه الحق و الباطل إن كنت لا تؤمن بكل المقاييس !!"
شعر عاطف بلهيب يتفجر من أعماقه ، لم يكن لهيباً حقيقياً بل مزيج من الألم و الحيرة الثقيلة ، و همس بفكيه اللذين يصتكان :" سأجن أيها الطائر الغبي ! اخرج من أعماقي ! أسألك بكل ما هو غال و نفيس ، و باسم الفضيلة التي تؤمن بها ، توقف عن تعذيبي "
كانت أمنية يائسة ، و ليست أول مرة يتمنى فيها عاطف دون جدوى ، رد عليه الغراب بنبرة تحمل شماتة في طياتها :"
لن تتخلص مني أبداً ، فأنا عقابك الذي تستحقه بعد حياة مليئة بالكذب و الاحتيال و الغش ، أنت يا عاطف كذاب و مراوغ كبير ، لطالما استخدمت الخداع في جذب الفرص و الأصدقاء ، و كنت تعتمد على الأكاذيب لتصل إلى أي هدف ، الفرق بينك و بين أي حقير هو أنك كنت مقتنعاً تماماً بأن الحق معك ، و قد عشت حياة سعيدة و سهلة و أنت معفي حتى من عذاب الضمير ، ظننت أن كل شيء سيمضي بتلك البساطة ، لو أنك اعترفت فقط في حياتك بأنك مجرم خاطئ لرحمت نفسك من هذا العذاب ، و لكن الأوان قد فات ، و يجب أن تنال عقوبتك عندما توظف المنطق لتبرير أخطائك و عيوبك، أنت محكوم عليك بالعيش مع حقيقة غير مستساغة و غير محدودة ، و أنا موجود من أجل تعذيبك و لن تتخلص مني مهما حاولت ، سأجعلك تتمنى الموت ، و لكنك لن تجده لأنك ميت بالفعل ”
ضحك الغراب بصوت قبيح ، فصرخ عاطف بعنف رافضاً الاستماع لكلمة أخرى ، و أخذ يضرب رأسه بجنون مرات متتالية بواسطة الجدار ، يرتطم به أكثر من مرة ، كأنه لا يريد التسليم بحقيقة وجوده في سجن من العذاب ، سجن لا يعرف سبيلاً للهرب منه ، و أخذ يصيح صيحات متتالية و يأمل أن تتحطم عظامه و يختفي من الوجود ، أو يموت هذا الطائر الذي يعذبه ، و قد أتى صوته مختنقاً مرعوباً يحكي معاناته الرهيبة مع هذا الكابوس الأبدي
“ يكفي ، يكفي ، يكفي "
ردحذفكتبت هذه القصة على مرحلتين ، بدأتها و عمري 16 ، ثم أكملتها بعد انقطاع ثلاث سنوات ؛ لهذا فهي غريبة و لا تحمل طابعاً موحداً ، و قد تبدو مثل مزيج بين خيال متهور و عمق فلسفي
لقد أعجبتني جدا اذا انها فريدة من نوعها تعبر عن اشياء كثيرة وتحمل في طياتها حكم ومواعظ واخيرا العدالة
ردحذفشكراً لك
حذف