وصلتك رسالة


كانت أحلام تؤمن أن هذه الشاشات التقنية، يمكنها أن تجمع أشخاصاً لا يعرفون بعضهم، و يمكنها أن تدل
قلوباً لم تهتدي لأحبائها بعد ، و قد آمنت بذلك أكثر عندما حصلت على حبيب، كان شاباً أمريكياَ يعيش
في كندا، و قد جمعتهما صدفة هذه الشبكة العالمية، و ربطت قلوبهما ببعضها، لقد أحبته للغاية!
و كلما حادثته أكثر زاد حبها له، و  أحست بأن علاقته معها تشعرها بسعادة أكبر !
رسم لها ذلك الشاب آمالاً جميلة لمستقبل واعد.. باتت تبصره كالنور في نهاية نفق معتم! 

لت تحادثه بتلك الرسائل النصية، التي لم تكن تنقل كل مشاعرها له ببراعة.. و لكنها أدت دورها في تمتين

ذلك الخيط الذي يربطهما، لعلها لم ترى ذلك الحبيب في حياتها، لم تسمع صوته، و لم تعرف كيف تبدو عيناه،
أو تلك الأصابع التي يكتب بها رسائله لها..
و لكنها لم تكترث بكل ذلك، لقد أحبته لأنها وجدته نظير روحها، و لا يهم شكله أو عمره، ما كان
يعجب أحلام في حب الإنترنت، هو أن العلاقات هنا تقوم على التواصل.. لا شيء سوى التواصل،
و قد استمرت علاقتها مع صديقها هذا لأكثر من ثلاثة أشهر، حتى مجيء تلك الليلة البشعة!
التي قطع فيها علاقته معها.. بلا سبب،و رغم أن ذلك وحده كان كفيلاً بتحطيم أحلام إلى قطع!
إلى أنه لم يكتفي بذلك، بل ما حدث بعدها كان ما لم يكن في الحسبان، لقد أرسل لها تلك الرسالة
الأخيرة، التي هدت احلام تماماً.. و حولت قلبها من قطع هشة إلى غبار متناثر..
كان فحواها :
( أيتها الغبية!.. هل صدقتي حقاً أنني شاب!.. و أي وغد مجنون قد يتعلق بك!
أنا زميلة لك يا عزيزتي.. زميلة غدرت بها و سخرت منها أمام الكل.
قد لا تتذكرينني و لكني أتذكر جيداً!..  !.. و لعلمك، إنتقامي لم يبدأ بعد.)
تلك الرسالة قد دمرتها تماماً!.. لم تصدق في بادئ الأمر!
كانت متأكدة أنه يكذب عليها!.. فأرسلت عدة مرات تسأله أن يعترف بكذبه!!
لكن ذلك الإعتراف لم يأتي!
و في اليوم التالي انتشرت صورها و محادثاتها في كل مكان!.. و خصوصاً في قروبات الثانوية!
و أصبحت أضحوكة و فضيحة في المدرسة!
و لم يكن ذلك شيئاً يذكر، مقارنة بما حدث لها عندما علم أهلها بالأمر!.. و عاقبوها بشدة
و حرموها من هاتفها!
لم  تستطع أحلام إستيعاب كل تلك المصائب المتتالية على رأسها، لكنها تمكنت وسط جلبتها تلك
من التفكير في شيء واحد، و هو أن ذلك النور الذي رأته في نهاية النفق
لم يكن سوى حياتها التي احترقت بعد تلك العلاقة الوهمية!

كونوا حذرين يا رفاق،  لا تمنحوا قلوبكم لنغمة رنين، فمعظم الأنغام كاذبة.. 

تأليف : وضاحة عبد الرحمن 



تعليقات

المشاركات الشائعة